سنتعرف في هذه المقالة باقتضاب على أهم قوالب التأليف الموسيقي في موسيقانا التي شاعت في القرن الماضي حتى يومنا هذا. ومن الجدير بالذكر أن هذه المقالة تعد مقدمة لدراسة أكثر تفصيلاً ما زلت أعمل عليها. لذا ستجد في هذه المقالة أنني استخدمت التسميات العربية عند ذكر القوالب بدلاً من التسميات السريانية المقابلة. كما ستجد أنني لم أذكر قوالباً مثل الموشحات والقدود. كما أنني لم أتناول قوالب الشعر السرياني, ولا القوالب الغنائية في الموسيقى السريانية الكنسية. كل هذه الأمور ما زالت قيد الدراسة لتكون موضع البحث الذي أعمل عليه
القالب الموسيقي هو عمل موسيقي مؤلف من عدة جمل موسيقية, أو فقرات لحنية منسقة في نظام معين. إن البنيان اللحني للعمل الموسيقي هو ما يحدد أي قالب ينتمي إليه العمل الموسيقي. هناك أعمال موسيقية من الممكن للمستمع أن يدرك قالبها عند الاستماع مباشرة, وهناك أخرى تحتاج للتحليل كي يتكشف القالب. يقول أرنولد شونبيرغ في كتابه (أساسيات التأليف الموسيقي): أن مصطلح القالب يستخدم في معانٍ عديدة مختلفة. ففي القالب الثنائي والثلاثي وقالب الروندو يشير بشكل أساسي إلى عدد الأجزاء (عدد الفقرات اللحنية). بينما في السوناتا يشير إلى حجم الفقرات والتعقيد في علاقاتها الداخلية, بينما في قالب المينوت والشيرزو والقوالب الأخرى ذات العلاقة بالرقص تكون خصائص السرعة والإيقاع هي التي تحدد القالب. (1)
بشكل عام يمكننا أن نقسم قوالب التأليف الموسيقي إلى قوالب التأليف الغنائية وقوالب التأليف للآلات الموسيقية. في موسيقانا نجد غزارة القوالب الغنائية مقارنة مع قوالب التأليف للآلات الموسيقية. هذا الغنى والتنوع في القوالب الغنائية قد يعود إلى ارتباط موسيقانا مع الشعر من جهة وإلى ضعف التدوين الموسيقي من جهة أخرى. إن بساطة قواعد الوزن الشعري في الأدب السرياني يغري في محاولات تجربة الأشكال الشعرية المختلفة. قد تطول الأبيات أو تقصر, قد يكون للقصيدة روي واحد أو أكثر, أو قد تتألف القصيدة من مقاطع تطول أو تقصر. كل هذا يتيح المجال لابتكار أشكال مختلفة للتأليف. ولأن نصيب الاهتمام الأكبر كان في تدوين الشعر أكثر من التدوين الموسيقي, هذا ساعد في الحفاظ على القوالب الغنائية أكثر من قوالب التأليف للآلات الموسيقية. فليس بحوزتنا دليل على وجود غنى في قوالب التأليف للآلات الموسيقية, ولكن في ذات الوقت هذا لا يعني أن موسيقانا كانت ضعيفة في إبداع قوالب التأليف للآلات الموسيقية
القوالب الغنائية
القصيدة
هي أحد أقدم القوالب الغنائية في موسيقانا, وذلك للارتباط الوثيق بين الشعر والموسيقى. قد تكون المؤلفة الموسيقية في هذا القالب على مقام واحد أو عدة مقامات. وقد تكون على إيقاع واحد أو عدة إيقاعات. في موسيقانا قد تساند أصوات الجوقة الصوت المفرد المؤدي أو قد تؤديها الجوقة بالكامل. من أمثلة القصائد المغناة (إثعير بار اوثور اثعير) التي ألفها الملفونو نعوم فائق وغنتها الملفونيثو إيفلين داوود, أو (ككوو دصفرو حاببتو) التي ألفها الملفونو شابو باهي وغناها الفنان حبيب موسى, أو قصيدة (أيكانو) التي ألفها الشاعر جوزيف كورية وغنتها الفنانة ليال نعمة
الأغنية
هو قالب غنائي يتألف من مذهب وكوبليهات. قد يؤلف القالب على وزن واحد أو يكون متعدد الأوزان. والسرعة قد تتنوع. كما قد يتنوع المقام والايقاع في الأغنية. في هذا القالب عادة ما يتم إعادة المذهب أو جزء منه بعد كل كوبليه. إحدى أجمل الأغاني أغنية (كثولي اشمخ عل وردو) للفنان فؤاد سبير أو أغنية (نينويه) للفنان حبيب موسى
الطقطوقة
عبارة عن قالب خفيف شعبي يحتوي على مذهب وكوبليهات بأوزان سهلة وخفيفة وجمل سهلة الحفظ. قد يتم تأديتها بشكل إفرادي أو جماعي. من أمثلتها (تخ نثطايب كولان) أو (دوره ديلان)
ولكن يجب ألا نخلط بين السياق الأدبي والسياق الموسيقي. ففي السياق الأدبي ونظراً لسهولة قواعد كتابة الشعر في أدبنا فإن الحدود تبدو ضئيلة بين القصيدة, والأغنية, والطقطوقة من حيث البناء. يمكن التمييز بينها من خلال أن نص القصيدة يكون زاخراً بالخيال بأساليب البلاغة كالتشبيه والاستعارة, والجمل تكون متسقة, ومتناغمة. بينما يكون نص الأغنية معتدل البلاغة, مستساغاً في طرح الفكرة, ولطيفاً في الوصف, وقابلاً للتجزئة. أما نص الطقطوقة فيكون أكثر سهولة وبساطة من الأغنية. ويكون نصاً قصيراً, وواضحاً, وقابلاً للتجزئة. معنى القول إنه قد تجد قصيدة شعرية في قالب أغنية مثل أغنية (بابا للفنانة ليال نعمة) , أو قد تجد أغنية في قالب طقطوقة مثل (مبدرينا هركه وتامو للفنان فؤاد اسبير) , أو قد تجد طقطوقة في قالب أغنية من مثل (شامو مر للفنان حبيب موسى)
الموال
هو ارتجال غنائي فردي يعتمد على جمال صوت المؤدي وتمكنه من الزخرفة (2). قد يكون النص الذي يؤديه جزءاً من قصيدة أو قد يكون نثراً, وقد يكون مصاحباً للإيقاع أو غير مصاحب له. وقد يتنقل الموال بين مقامات أو قد يعتمد على مقام واحد. لا يوجد طريقة محددة لأدائه. فقد يبدأ بمنطقة القرار ليتدرج نحو منطقة الجواب وهناك قد يرتأى تغيير المقام ليعود للمقام الأساسي قبل القفلة. من أشهر الفنانين الذين قدموا الموال في أعمالهم الفنان حبيب موسى. على سبيل المثال لا الحصر نذكر الموال الذي يتوسط أغنية (تخ رقدينا وشورينا) أو الموال الذي يتقدم أغنية (رغش مي شنثو)
الراوه
يتكون القالب من قطعة موسيقية واحدة يكثر فيها الارتجال والزخرفة. تحتوي على ثلاث أبيات من الوزن السباعي. تغنى فالتاً. يمكن أن تقرأ حول هذا القالب باستفاضة في هذه المقالة https://nabilyousef.com/raweh
البندا
مكون من جملة موسيقية واحدة أو جملتين موسيقيتين. تؤلف عليها أشعاراً خفيفة للتسلية في الأمسيات
النشيد
هو قالب غنائي يؤثر في النفوس. يكون شعره ذا معان سهلة وقريبة على الفهم. في الأناشيد التي نظمت بالسريانية في القرن الماضي عادة ما تم استخدام إيقاع المارش مثل نشيد (مرلي أو نهرو) أو نشيد الكشاف السرياني, أو تم استخدام ايقاعات خفيفة مثل نشيد (لجنة الرها الفنية) حيث استخدم فيه إيقاع بلدي
الأهازيج
مقطوعة قصيرة مؤلفة من جملة موسيقية واحدة, أو جملتين في العادة. تكون الجمل البسيطة جداً والنص الشعري خفيف ورشيق وعامي. وقد يكون اللحن أحياناً بسيطاً للغاية أو غائبَ الملامح بسبب قدمه, أو بسبب التأثير الشعبي عند النقل بالتواتر. يغلب في طابعها التكرار. في بعض الأحيان تكون مكونة من مذهب فقط. من الأهازيج نذكر (حانو حانو قريثو) , و(حاجنجله باجنجله) , و(حيما وهايه)
المونولوج
هو قالب غنائي لصوت واحد مع فرقة مصاحبة. حيث يستمر في هذا القالب إدخال جمل موسيقية جديدة دون تكرار حتى نهاية العمل الفني (3). هذا القالب قليل الاستخدام، ولكنه موجود من أمثلته أغنية (ليبي كريهويو) للفنان حبيب موسى
الديالوج
عبارة عن أغنية فيها حوار بين اثنين أو أكثر. يطرح الديالوج موضوعاً بأسلوب رشيق وبحوار جذاب. من أمثلته ديالوج (لو مشيلتلي) لليال نعمة وميلاد عبدال, أو ديالوج (ورده وافريم) لحبيب موسى
الوصلة
هي قالب يجمع عدة قوالب بشكل متواصل. على سبيل المثال قد يتم البدء بالتقاسيم، يليها موال، ثم أغنية. مثال ذلك أغنية (أو طورعابدين) للفنان فؤاد اسبير
القوالب الموسيقية
المقطوعة أو المعزوفة
هي مؤلفة موسيقية لآلة موسيقية واحدة أو لعدة آلات موسيقية. قد تحتوي على التقاسيم والانتقالات المقامية وقد الارتجال. قد تكون مدتها قصيرة أو طويلة. من أمثلتها المقطوعة الموسيقية الموجودة في آخر الألبوم (تيحه أومثو سورييتو) للفنان فؤاد اسبير
المقدمة الموسيقية
هي فقرات لحنية تسبق الاغنية أو القصيدة قد تتكون من عدة جمل موسيقية وقد يغلب فيها الارتجال وكما أنها قد تحتوي على انتقالات مقامية (3). من أمثلتها أغنية (أورهي) للفنان حبيب موسى
الدولاب
هو جملة موسيقية بسيطة يتكرر عزفها في بداية العمل الموسيقي قبل الغناء أو التقسيم (3). مثل الدولاب في بداية أغنية (كثولي اشمخ عل وردو) للفنان فؤاد اسبير
التقاسيم
هي عزف ارتجالي متميز بالزخارف اللحنية على آلة موسيقية شرقية مثل العود والكمان أو الناي أو القانون بجمل مألوفة على مقام معين (3) , وقد يحتوي التقسيم على انتقال مقامي ليعود بالقفلة إلى المقام الأساسي. التقاسيم تظهر براعة العازف وجمال صوت الآلة. الأمثلة كثيرة. نذكر على سبيل المثال أغنية (هيش أونو زعورو) للفنان جان كارات
نبيل يوسف
حزيران 2021
1 Schoenberg, A. Fundamentals of the musical composition. Faber and Faber. London. Boston. 1970
2 Farraj, J & Abu Shumays, S. Inside Arabic Music. Oxford University Press. 198 Madison Avenue, New York, NY 10016, United States of America. 2019.
3 Farraj, J. Maqam World: Arabic Music Forms (maqamworld.com). 2021.
Copyright © 2024 Nabil Yousef - Med ensamrätt.
Drivs av GoDaddy