الراوي هو غناء شعبي آشوري قديم مكون من قطعة موسيقية واحدة يكثر فيها الارتجال والزخرفة. تحتوي على ثلاث أبيات من الوزن السباعي. تغنى فالتاً. على الرغم أن الوزن أربعة على أربعة يبدو مناسباً. سرعة الإيقاع (التمبو) تختلف، ولكن يلائمها الأداء على سرعة من نوع أندانتينو. تتألف الراوي من ثلاث جمل موسيقية غير منتظمة تحجز أوكتافاً واحداً. الجمل تحتوي على الدايناميك. كل جملة تتكون على الأقل 3 ميزورات التي قد تطول حسب طول نفس المؤدي لتصل إلى 6 ميزورات, أو أحياناً إلى 8 ميزورات. واللحن يعطي شعوراً من الاعتداد بالنفس, أوالحزن, أوالقوة. وهذا الصفات تجعله مناسباً للاستخدام في أغراض شعرية مختلفة. يكمن إدراج أهازيج الراوي تحت صنف الأكابيلا. الأداء يكون بصوت (مونو) مفرد (ذكر أو أنثى) , على أن يكون الصوت قوياً, وواضحاً, وقادراً على أداء الزخارف.
والراوي تقليداً هو نوع من الغناء يكثر في جلسات السمر, أو الرحلات, وحفلات الزفاف. كما يمكن أن تستخدم حين الخلوة في الطبيعة. حيث تذكرنا الراوي بأصوات النداءات والصدى في الجبال. عندما تستمع إلى الراوي تشعر بقدم اللحن. كأنه قادم من عمق التاريخ, وتشعر كأنك تسمع أصوات الأولين.
لم أعثر على مرجع موثوق يوضح سبب, وأصل التسمية. ولكن إن قمنا بمقاربة الفعل رَويه ܪܰܘܶܐ في اللغة, واستخدامنا هذا الفعل للبحث عن أصل التسمية, سنجد أن كلمة راوي ܪܰܘܶܐ تعني يشرب, أو يسكر, أو يفرح, أو ينتشي. فقد يكون الاسم رَويه ܪܰܘܶܐ وصفاً للحالة الشعورية التي ترافق سماع, أو أداء هذه القطعة. فهذه الأهازيج تحدث النشوة في المؤدي, والمتلقي.
أستبعد شخصياً علاقة غناء الراوي مع غناء الراي, وأعترف بإمانة أنني لم أقم بالبحث إن كانت هناك قواسم مشتركة بينهما.
أهزوجة الراوي تتألف من مقطع غنائي وحيد, أو مجموعة مقاطع. شعراً يتكون المقطع الغنائي الواحد من ثلاثة جمل لها ذات الوزن والروي الشعري. يمكننا أن نسميها على التوالي: جملة السؤال, جملة الصدر, جملة الجواب.
ليست مبالغة أن نقول إن مؤلف الراوي يستخدم الحبكة عند نظمه للأبيات. تبدأ الحبكة مع جملة السؤال, وتتطور بسرعة لتصل الأوج في الجملة التالية (جملة الصدر) , وتنحل خيوط الحبكة في نهاية القطعة. إن هذا التكوين الدرامي ينسجم, وبشكل جذاب عند استخدام هذا القالب الغنائي في غرض قص مقتضب عن أحداث أو عرض وجهات نظر.
وللمؤدي دور كبير في جمالية الأهزوجة, ومدى نجاحها. إن نجاح الراوي لا يقتصر على جمال صوت المؤدي, ووضوحه, وقوته. بل إن لقدرة التعبير عن موضوع الراوي أثراً هاماً في إثارة إنتباه المستمع. قد يستخدم المؤدي حركات إيمائية مما يجعل العرض أكثر إمتاعاً, وتمنح المستمع شعوراً أنه أمام أحد الرواة المثيرين. إن استخدام الإدغام عند الغناء, ونجاح استخدام الجناس في تأليف الأبيات هي أساليب تجذب المستمع, وتجعله يشحذ سمعه لتتبع فكرة الراوي.
نبيل يوسف
2021-06-05
Copyright © 2024 Nabil Yousef - Med ensamrätt.
Drivs av GoDaddy